أكدت مصادر سياسية لـ"النشرة" أن الجيش اللبناني حصل على "الضوء الأخضر" الرسمي لتنفيذ خطة لتعزيز انتشاره في الجنوب، عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ عند الرابعة فجر الأربعاء، 27 تشرين الثاني الماضي، استنادًا إلى القرار الدولي 1701.
وهذا القرار جاء خلال الجلسة الاستثنائية لحكومة تصريف الأعمال، التي ترأسها نجيب ميقاتي في ثكنة بنوا بركات بمدينة صور، بمشاركة قائد الجيش، العماد جوزاف عون. وقد حملت عدة رسائل، أبرزها على الصعيد المحلي: التضامن مع أبناء الجنوب وبلسمة جراحهم، وعلى الصعيد الدولي: التأكيد على التزام لبنان بتطبيق كامل بنود القرار 1701، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من القرى التي دخلتها.
والجلسة الحكومية تعتبر الأولى في مدينة صور، والثانية في الجنوب، وذلك بعد الجلسة التي ترأسها الشهيد رفيق الحريري في النبطية عقب العدوان الإسرائيلي على لبنان والتوصل إلى تفاهم نيسان عام 1996. وفي المقابل، كان مجلس النواب قد عقد جلسة في مدينة بنت جبيل بعد تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في أيار عام 2000.
وخلصت الجلسة إلى اتخاذ سلسلة قرارات إضافية، أبرزها الموافقة على خطة انتشار الجيش جنوب نهر الليطاني من جهة، وعلى الحدود الشمالية والشرقية مع سوريا، بالتزامن مع الأحداث هناك، من جهة أخرى. كما شملت إعداد مشروع قانون يهدف إلى إعادة بناء الأبنية المهدّمة جراء الحرب الإسرائيلية، ووضع آلية لمسح الأضرار الزراعية، إضافة إلى ترتيبات وإجراءات تتعلق بعملية رفع الأنقاض وتنظيف المناطق المتضررة من القنابل العنقودية.
وفيما أكد ميقاتي أن استقرار جنوب لبنان يُعدّ مفتاحًا لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، نوهت أوساط نيابية جنوبية بهذه الخطوة، ووصفتها بأنها تعبير عن التزام لبنان الجاد بتنفيذ القرار الأممي 1701 بكل تفاصيله. مشيدة بالدعم المقدم للجيش اللبناني والدور الذي أُسند إليه للانتشار في منطقة جنوب الليطاني وصولًا إلى الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة، بمؤازرة قوات "اليونيفيل".
عتب ومرسوم
ولم تُخفِ هذه الأوساط نفسها عتبها على غياب وزراء "التيار الوطني الحر" عن المشاركة في الجلسة، ولا سيما وزير الدفاع موريس سليم، معتبرة أن الجنوب يجب أن يبقى فوق الخلافات، ويستحق أن تكون الجلسة مكتملة الأوصاف والحضور، نظرًا لأهمية القرارات الصادرة عنها، وخصوصًا ما يتعلق بخطة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وإعادة الإعمار وسواها.
وكان الوزير سليم، قد وقع على مرسومين، الأول تعيين اللواء حسان عودة رئيسًا لهيئة الأركان في الجيش اللبناني. والثاني القاضي باعطاء وزارة الدفاع–قيادة الجيش، سلفة خزينة بقيمة 113 مليار و250 مليون ليرة لتغطية الكلفة الشهرية لتطويع 1500 جندي لصالح الجيش لمدة ثلاثة اشهر.
وينص القرار الدولي 1701، الصادر في 11 آب 2006، على وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل في ذلك الحين. كما يدعو إلى إنشاء منطقة خالية من السلاح بين "الخط الأزرق" (الذي يحدد خطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000) ونهر الليطاني جنوب لبنان، مع استثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة "اليونيفيل".
وأسفرت المواجهات التي اندلعت في الجنوب في 8 تشرين الأول 2023 بين حزب الله وإسرائيل، عقب فتح جبهة الجنوب دعمًا لغزة ومقاومتها بعد عملية "طوفان الأقصى" التي بدأت قبل يوم واحد فقط، قبل أن تتحول إلى حرب واسعة على لبنان في 23 تشرين الأول الماضي، عن سقوط 4,047 شهيدًا، و16,643 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
لجنة المراقبة
وفي ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية اليومية في الجنوب اللبناني، تتجه الأنظار نحو اللجنة الخماسية المكلفة بمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، والمقرر انعقادها منتصف الأسبوع الجاري. تأتي هذه الخطوة بعد تسجيل أكثر من 155 خرقًا منذ دخول الاتفاق حيّز التنفيذ عند الساعة الرابعة فجر الأربعاء، 27 تشرين الثاني الماضي.
وأكدت مصادر سياسية لـ"النشرة" أن اللجنة ستواجه مهمة صعبة وتحديات كبيرة لضمان نجاح عملها في تنفيذ الاتفاق وتطبيق القرار 1701. وتشمل مهامها مراقبة وقف إطلاق النار، والإشراف على الانسحاب الإسرائيلي من القرى الجنوبية، مقابل انتشار الجيش اللبناني فيها، بالإضافة إلى إرسال التقارير الدورية إلى الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة، بهدف الضغط على أي طرف ينتهك الاتفاق.